حماس والشريعة- فتاوى علماء غزة بتحريم عملياتها وتبعاتها المدمرة.

المؤلف: بشرى فيصل السباعي08.22.2025
حماس والشريعة- فتاوى علماء غزة بتحريم عملياتها وتبعاتها المدمرة.

إن المجتمعات الإسلامية في شتى بقاع الأرض ترزح تحت وطأة الإنهاك والتدمير جراء الحروب والأعمال الإرهابية التي تُرتكب باسم الإسلام، والتي هي في جوهرها تتعارض مع مبادئ الشريعة السمحة. فعلى سبيل المثال، نجد أن تنظيم القاعدة، الذي تسببت عمليته في 11 سبتمبر في جلب الاحتلال على بلدين مسلمين، قد انشق عنه مفتيه أبو حفص الموريتاني قبيل تنفيذ العملية، وذلك بعد أن أفتى بحرمة هذه العملية وحرمة جميع العمليات التي يقوم بها التنظيم، إلا أن أسامة بن لادن لم يعر اهتماماً لرأي الشرع. وبالمثل، نرى أن حركة حماس قد جلبت على أهل غزة الدمار والإبادة من خلال عملية 7 أكتوبر، دون أدنى اعتبار لرأي الشرع في عملياتها. والجدير بالذكر أنه لا يوجد بين مؤسسي وقادة حركة حماس شخص واحد يحمل شهادة في العلوم الشرعية، كما أن الحركة لا تمتلك مفتياً خاصاً بها. ولذا، فإن الرأي الشرعي في عملياتها يُستقى من فقهاء غزة، وعلى رأسهم الدكتور سلمان الداية، أستاذ الفقه وأصوله وعميد كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية، الذي أفتى بحرمة عمليات حماس وعملية 7 أكتوبر تحديداً. وقد تجلى ذلك في فتاويه المعنونة بـ «أيها الساسة والقادة والعلماء.. لسنا قطيعاً من الماشية في أرضكم»، و«أيها الساسة: أوقفوا هذا المد»، و«أيها الساسة والقادة.. لا تنزع الرحمة إلا من شقي»، حيث فصل المفاسد الجمة التي نتجت عن عمليات حماس، وبرهن على أنها ليست بجهاد ولا تعود بالنفع على أهل فلسطين، مؤكداً أنه ليس على أهل فلسطين جهاد في الوقت الراهن، أسوة بالفترة المكية التي «يسعنا ما وسع النبي في ترك جهاد عدوه بمكة». كما انتقد بشدة إصرار حركة حماس على اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية، واصفاً ذلك بأنه «اتّخاذ أهل القطاع سترةً يتّقون بها ضراب عدوهم، سواء الأنفاق تحت البيوت والأماكن الحيوية، والانغماس بالبيوت المأهولة، وأماكن الإيواء»، الأمر الذي يعرضهم للقصف الإسرائيلي، مؤكداً أنهم ملعونون لما يلحقونه من ضرر بالشعب. وانتقد الدكتور الداية المشايخ في الخارج الذين يؤيدون عمليات حماس ويصفونها بالجهاد، واصفاً إياها بأنها «محرقة لأهل غزة»، مبيناً أن حماس يعاملونهم كقطيع بهائم يملكونه ويستخفون بدمائهم وأعراضهم، ويعاقبون من يخالفهم بإطلاق الرصاص على ركبتيه. وأشار إلى أن إسرائيل لا تهاجم غزة إلا كرد فعل على عمليات حماس، محملاً الحركة مسؤولية الهجمات الإسرائيلية، ومؤكداً أن حجة تحرير الأسرى مرفوضة؛ لأنها أدت إلى أسر الآلاف وقتل عشرات الآلاف. ومن بين المفاسد التي ذكرها الدكتور الداية لعملية 7 أكتوبر، تعرض رجال ونساء غزة للاغتصاب من قبل الإسرائيليين، مشيراً إلى أن العديد من نساء غزة حوامل نتيجة لهذا الاغتصاب. كما انتقد الدافع وراء عمليات حماس، معتبراً إياه تحقيق بطولات فردية أو الشهادة دون النظر إلى الكوارث التي تنتج عنها على أهل غزة، مستنكراً تصريحات حماس بتعمد جلب الإبادة والدمار بحق الفلسطينيين بعملياتهم، لاعتبارهم أن تشويه سمعة إسرائيل يعد انتصاراً، مؤكداً أنه بسبب تبرير حماس لعملياتها بشعارات إسلامية، فقد انتشرت الردة في غزة. وخاطب الدكتور الداية قادة حماس قائلاً: «لا يجوز اتخاذ أهل القطاع ترساً لمصالح حزبكم»، مطالباً بزوال حكم حماس، ومشدداً على ضرورة «تقديم حكومة تحت إدارة السلطة الفلسطينية، تدعمها قوة عربية»، داعياً القادة العرب إلى الضغط على حماس. وكان الدكتور الداية قد انتقد في السابق مظالم حماس قبل الحرب، وتعذيبها للمعتقلين حتى الموت. وقد أيد الشيخ فؤاد أبوسعيد، رئيس المجلس العلمي بفلسطين، فتاوى الدكتور الداية، مستنكراً تعنت مفاوضي حماس، ومؤكداً أنهم عون لإسرائيل على شعب غزة، وأن عمليات حماس لا تجلب أي فوائد. وبدوره، أفتى الدكتور عماد حمتو، أستاذ التفسير وعلوم القرآن وعميد المعاهد الأزهرية بغزة، بحرمة عمليات حماس لما تجلبه من مفاسد على الفلسطينيين، مشيراً إلى أن الغاية مما يحدث حالياً هي مطامع حماس بالسلطة والمال، ومختتماً بالقول: «تطوى قصتنا بالغباء السياسي.. قضيتنا لا تحل بفتاوى العلماء الذين يعيشون بالكتب ولا يرون الواقع ولا بالنشطاء المتفيهقين الجهلة ولا بالإعلاميين المأجورين ولا بالمسيرات الحاشدة.. أين قراءة الواقع؟ أين حفظ الضرورات الخمس واستبقاء النفس؟..اليوم نفقد أبناءنا وأعراضنا ووجودنا في هذه الإبادة والمقابل ماذا؟ استبقاء الحكم ودراهم معدودة من الجباية والضريبة وشعارات». وأضاف أن حماس تأخذ حالياً من أهل غزة 2000 شيكل/‏600 دولار ثمن القبر!. واختتم مطالباً بتكثيف استضافة هؤلاء العلماء والفقهاء في الفضائيات لنشر فتاويهم، حتى لا تتكرر مأساة غزة، وذلك بعد تصريح الناطق باسم حماس «غازي حمد» بأنهم سيكررون 7 أكتوبر.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة